-A +A
علي مكي
كنت سأكتب في الأسبوع الماضي أي قبل الوصول إلى النهائي الأوروبي مقالا بعنوان «بطل جديد» مع توقع خاص بنهائي فرنسي برتغالي، لكن العيد وظروفه وارتباطاته أبت أن أطرح هذا السيناريو، ومع ذلك فإن «تويتر» أتاح لي ذلك ببساطة وكان البطل جديدا بالفعل حتى وقائده يغيب قسرا وقهرا وعمدا مع بداية النصف الأول من الحصة الأولى للنزال!
لست عرافا ولا ضارب رمل، ولا أستعرض قدراتي التنبؤية، ولم أكن أنافس أخطبوط مونديال 2010 «بول».. فقط كنت منحازا لظهور بطل جديد في ظل المستويات الرائعة والمتصاعدة للفرق التي تأتي غالبا في الصف الثاني في ترشيحات المحللين الكرويين. لكن كرة القدم لا تعترف بالأسماء الكبيرة والتاريخ الكبير والنتائج الكبيرة. كرة القدم تعترف بالجهد والكد والعرق والبذل وإحكام الخطط المختلفة في الميدان حين يضعها مدربون يعرفون جيدا إمكانات لاعبيهم وقادرون في نفس الوقت على تغيير استراتيجياتهم وخططهم أثناء النزال بناء على ما يطرأ في المباراة من ظروف وتغيرات ومفاجآت.

بالنسبة لي كمتابع محب لكرة القدم وعاشق لجنونها الساحر وفنها الخالص، استبعدت منتخب ألمانيا من الوصول إلى النهائي حتى وهو يفوز على منتخب عريق (إيطاليا) كان في مطلع قائمة مرشحي الصف الأول لنيل الكأس الأوروبية، بل إن إيطاليا هي العقدة للألمان كما هو معروف في تاريخهما الرياضي التنافسي. كما قلت للزملاء بعد الفوز الساحق النظيف لفرنسا على ألمانيا، إن المغامرة الفرنسية ستنتهي مساء الأحد على يد البرتغاليين والذين بدا واضحا بعد خروج كريستيانو رونالدو مصابا أن لديهم أكثر من رونالدو، وربما يذهب بعضهم إلى القول إن التحول الذي حدث في أداء البرتغال بعد خروج نجمه الفذ أن زملاءه اللاعبين متأثرون برونالدو لانعكاس فنه ومهارته وعبقريته عليهم! لكني أرى الأمر يوحي إلى ما هو أعمق، حيث الكرة الجماعية متناغمة وباذخة الانسجام التي أبدعها منتخب البرتغال في النهائي، لأنه ليس كالأرجنتين منتخب النجم الواحد واللاعب الفريد منذ ماردونا إلى ميسي، ولهذا السبب انتصرت تشيلي على الأرجنتين في نهائي كوبا أمريكا قبل نهاية اليورو 2016.
وشخصيا أحب الفوز الصعب الذي يحدث بعد قتال مرير وندية وتكافؤ وبفارق هدف.. هنا يصبح للانتصار معنى، أما الذين يحققون النتائج الكبيرة فليست مقياسا للأفضلية كما فعلت فرنسا حين خدعت الجميع ببريق الخمسة والانتصارات المتوالية! لكن البرتغال كانت أجمل وظهرت في تلك الليلة أنيقة وأكثر خفة ورشاقة كرة ممتعة وسهلة، إنها سوناتا أخرى ولكن على العشب الأخضر هذه المرة. وكنت أرسلت إلى الزملاء بعد النزال متسائلا من هو رئيس اتحاد كرة القدم البرتغالي؟ ومن هو وزير الرياضة هناك لأنني لم أرهما ولم أسمع بهما في تلك الليلة؟!!.. وبمناسبة مديري الكرة والأجهزة الإدارية للمنتخبات ورؤساء بعثات المنتخبات الأوربية في اليورو الأخيرة وحتى المنتخبات العالمية المشاركة في كل المونديالات السابقة، أريد أن أسأل كل المتابعين هنا، تعرفون أحدا منهم سواء بالاسم أو الشكل أو الهيئة؟ أنا لا أعرفهم لأنني لم أشاهد أحدا منهم (يتنطط) هنا وهناك كي ينافس اللاعبين والمدربين في الظهور سواء في الفوز أو الخسارة، ولم نر واحدا منهم بعد انتصار فريقه ليرجع النصر إلى دعم اتحاد الرياضة في بلده، كما لم نبصر الآخر يحمل الهزيمة للاعبين أو المدرب أو الحكم!! بل إن كثيرين، وأنا أولهم، لا يعرفون رئيس الاتحاد الفرنسي أو الويلزي أو الألماني لكرة القدم!!
في نزالها ضد فرنسا لم تكن البرتغال تبحث عن النصر فقط وهي خالدة على عشبها بل كانت تبحث عن شيء آخر تماما مثل ثورة القرنفل سنة 1974.